السبت، يوليو 21، 2012

هل يفيد النور الأعمى .. (خاطرة رمضانية 1)

بقلم : عبدالرحمن الحسيني
إنسان حرم البصر أو أغمض عينيه .. أيفيده ضياء يملأ الآفاق ؟!
أم هل يفيده الصوت العذب لو حرم السمع أو أصم أذنيه ؟!
هذا حال الكثيرين مع هدى الله عز وجل .. ويصفهم ربنا في أول سورة البقرة : مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ(17).

يعني أنه مثل قوم أظلمت عليهم الدنيا ليلاً فالتمسوا نارًا تضيء لهم .. فلما وجدوها أغمضوا أعينهم .. وسألوا أين الضياء ..
أولائك قومٌ لم يكذبوا الحق فقط .. بل ادعوا عدم وجوده أصلا فأغمضوا أعينهم فكانت عاقبتهم أن ذهب الله بهذا النور (اما باطفاء النار أو ذهاب أبصارهم ) ..
أشد أنواع العقاب الإلهي لإنسان في الدنيا أن يحرمه الهداية فلا نور الآيات ينفعه ولا عذوبة صوت القاريء تجذبه .. كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم (كالكوز مجخيا (مقلوبا) لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا)
من أنعم الله عليه بالبصر يفيده قليل الضياء ولو كان ضوء شمعة ..
كذلك من صحت بصيرته يفيده الذكر لو كان آية .. كما فعل الصديق أبو بكر حين أسلم .. لم يكن معه من الذكر إلا الشهادتين .. أسلم على يديه في هذه الليلة 5 من كبار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين (خمسة من العشرة المبشرين بالجنة) ..
ومن حرم نفسه البصر بأن أغمض عينيه عن النعم .. أو حرمه الله البصر لا ينفعه ضياء يملأ الآفاق .. كذلك من عطل بصيرته فأعماها له الله "فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" لا يفيده كثرة الآيات المقرؤة والمسموعة والمرئية .. " أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 23 )"
الهداية إذن منحة ربانية .. لا ينالها إلا من طلبها بصدق وجاهد في سبيلها
"والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ." [العنكبوت:69].
"وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ" {محمد 17}
و يحرمها من تنكر لآيات الله وبدأ بالاعراض وأصر عليه .. فلا يغرنا حلم الله بنا بأننا مازلنا نتأثر بالذكر ولنسلك سبل الهداية حتى يقينا الله مصير السابقين ممن اغمضوا عينهم عن ذكر الله حتى أعماهم الله
" وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "
نسأل الله عز وجل لنا الهداية .. وأن يعيننا على الطريق ويتقبل منا الصيام والثيام .. وينير بصيرتنا بنور الإيمان ..

ليست هناك تعليقات: