الجمعة، أبريل 20، 2007

موتوا بغيظكم

قاض في محكمة الجنايات ، ضميره الوطني يحتضر ، كان القاضي يستعد للنطق بالحكم على شرفاء من المجتمع بالحجر على أموالهم بتهم باطلة ... ناداه ضميره من على فراش المرض ... " هل أنت مقتنع بما ستفعل ؟" سكت قليلاً ثم قال ممتعضًا نعم !! قال ضميره هل فتحتم شركاتهم وأجريتم تحقيقات ؟
قال القاضي : لسنا في حاجة لذلك فالمشكلة أنهم خطر على البلد ويستغلون شركاتهم لإدارة مشروعات تهدم البلد
تمتم الضمير : كلام فرعونك الأكبر ... ثم استطرد : هل رأيت ما حل بالبورصة بعد إغلاق تلك الشركات ؟
قال القاضي : كل شيء هيتصلح الحكومة عارفة مصلحة البلد
تنهد الضمير : صدقتم كذبكم ... ثم صاح : الحكومة قفلت شركات أحدهم قبل 10 سنين وعاد ثانية أقوى من البداية ... وآخر يدير شركة من أعلى 5 شركات في تداولات البورصة ولها أعمال في دول عربية وأجنبية ... وثالث ينظم سنويا معرضا صناعيا يدخل للدولة ما يزيد على 50مليون جنيه وعلماء و أساتذة و.... وفي هذه اللحظة وعلى شاشة الفضائيات جاء حوار مع م.خيرت الشـاطر وهو يتحدث من داخل قفص الاتهام بقوة عن فساد الدولة وتسترها على المجرمين ومحاكمتها للشرفاء ... ثم جاءت زوجة د. سعودي تقول " لقد تأخروا 25 عاما .. نحن ماضون في دعوتنا ومستعدون لأكثر من ذلك " ... وصوت زهراء الشاطر تكلم أباها وزوجها " فليفعلوا ما يريدون ... لن ينالوا منا " .وتهادى إلى أسماعهم صوت الطفل معاذ شوشة أحد أبناء المعتقلين ينشد

أبي أنت حر وراء السدود ... أبي أنت حر بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصمـــا ... فمـاذا يضيرك كيد العبيد
خرج القاضي مسرعا إلى قاعة المحكمة وقبل أن يخرج ردد الضمير بصوت متعب
قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور " ...وصل القاضي للمنصة أطلق حكمه القاسي بكل برود " حرمان آلاف الأسر من العاملين في الشركات من مصــــادر دخلها وحرمان 29 أسرة من حقها الشـــرعي في الانتفاع بأموالها وثرواتها "... وهنا شهق ضمير الوطنية لافظا أنفاسه الأخيرة معلنًا وفاة الحق والعدل عند الكثيرين .

إلى شعب مصر عامة والإخوان خاصة ... حتى لا ننسى

نعم حتى لاننسى لم خلقنا ولماذا نعمل في الدعوة إلى الله ؟
حتى لا ننسى لماذا نمارس السياسة ؟ وكيف أنها جزء من دعوتنا وطريقنا إلى الوصول لتمكين دين الله في الأرض ...
حتى لا ننسى عوامل النصر والهزيمة ....
حتى لا نغتر بالأسباب الأرضية وننسى رب هذه الأسباب .....
في ظل الأحداث الأخيرة التي مرت بها مصر انشغل الجميع ومنهم الإخوان الى حد كبير بالسياسة ومشاحناتها وما يحدث فيها ووقع معظمنا ضحية الانشغال بالسياسة كليا عن أمور قد تعلوها أهمية .
فرغم أن السياسة جزء من دعوتنا إلا أنها تمثل جانب من جوانبها ولا ينبغي أن تأخذ أكثر من حجمها ، فهدفنا إقامة دين ولن يقام دين بقلوب بعيدة عن الله مهما بلغت بنا الحنكة السياسية ، إذ أن المهرة بالسياسة كثر ومن كافة التيارات والأطياف فلابد لنا من جانب نتميز فيه عنهم حتى نربح معركة التغيير وكما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( إنكم تنتصرون بطاعتكم لله ومعصية عدوكم له ، فإذا تساويتم في المعصية فالغلبة للعدة والعتاد ) ...
وقبل أن يكُلف الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل الله عز وجل بالدعوة قال له (يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أوزد علي ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا )
وتراثنا الحركي مليء بالأمثلة على اهتمام أساتذتنا بالأعمال المقوية للإيمان لتعينهم على مشقة العمل الدعوي أو حتى التعذيب في السجون ..
فيروى عن أحد أساتذتنا أنه رافق الإمام البنا في رحلة شاقة بين قرى الصعيد لنشر الدعوة، وعندما حل المساء قاموا ليناموا فانتظر الإمام البنا قليلا حتى ظن أن هذا الأخ نام ثم قام ليصلي حتى قرب الفجر .
ويروى أيضا عن أحد أساتذتنا (وأظنه المستشار حسن الهضيبي) ... أنه وبعد يوم من التعذيب في السجن قام بالليل ليصلي فقال له أحد إخوانه نم قليلا فوراءنا يوم شاق فرد عليه (إنما نستعين بهذه على تلك)
من كل ماسبق وغيره لابد لكل منا مع نفسه وقفة يقيم المرحلة الماضية وخاصة أننا مقبلون على أيام لايعلم ما سيحدث فيها إلا الله تحتاج منا إلى صبر وقوة تحمل لذلك فقد مرت بي عدة ظواهر أردت سردها لتعم الفائدة :
الحديث بالأمور السياسية في كل المحافل مما يوحي للجالس معنا أننا في حزب سياسي وليس جماعة تربوية شاملة وأن السياسة انما هي جزء من حياتنا وليس كلها ...
هذا الأمر يزيد ضرره من وجهة نظري عندما تحول المحافل الإيمانية إلى حديث خالص عن الأوضاع السياسية التي تمر بها البلد ... نعم نحتاج إلى ربط ما نتكلم به وما نتدارسه بالواقع المعاصر لكن أن يكون صلب الموضوع سياسيا بحت في محفل إيماني فهذا ما أشير إليه .
المشكلة الأكبر هي تجاوز الحدود الأخلاقية في الألفاظ المستخدمة أثناء الحديث عن الوضع السيء التي آلت إليه البلد وخاصة ألفاظ الضجر والتي قد تصل للشتائم مخالفين بذلك ماتعلمناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المؤمن ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء، وقد رأينا أساتذتنا عندما يضجر أحدهم من وضع ما أو من ظلم شخص ما تجده متصلا بالله (لاحول ولا قوة إلا بالله ، حسبي الله ونعم الوكيل ) أو حتى يصل الأمر للدعاء على فلان الظالم ولكن بعيدا عن السباب والشتائم وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء (اللهم إني أعوذ بك من شر عبدك فلان وجنوده ...).
ماسبق وغيره قد يصرف وقت الإنسان عن أوراده التي تقويه على العمل الدعوي والإصلاحي في المجتمع وعن عمله الدعوي في الناس من حوله .
وكنتيجة طبيعية يصل الإنسان لحالة إيمانية متدينة لا تؤهله لمعركة الإصلاح المطلوبة منه.
الوضع من وجهة نظري يحتاج إلى إعادة ترتيب أولوياتنا والاتزان بين كافة الجوانب في دعوتنا فلا يطغى جانب على آخر .
كما أن تقلب الحياة يحتاج من الإنسان إلى يقظة دائمة ليتدارك حالات الجور من جانب على آخر أو التقصير في الجوانب المختلفة للانشغال بجانب ما .
يجب أن نتذكر جميعا أن دعوتنا شاملة مستقاة من دين الله الشامل فهي { دينية – سياسية – رياضية – اجتماعية(خدمية) - ...... } .