الخميس، يونيو 21، 2007

الإسلام السياسي ... هنا تكمن المشكلة!!


أسد الدين

أصبحت موضة هذه الأيام لدى وسائل الإعلام وطبقات ما يسمونهم المثقفين بالإضافة إلى الأنظمة المتحكمة في البلاد هي الهجوم على ما يسمونه (الإسلام السياسي) الذي هو في الحقيقة نظرة للإسلام كما ينبغي أن يكون شاملا لكل الأمور بما فيها السياسة ...

تركيا العلمانية ..

أحد أكبر البلاد الإسلامية سكانا العلمانية نظاما ... وبالنظر للنظام السياسي التركي تجد أنه يعتمد أساسا على وضع السلطة في يد البرلمان نيابة عن الشعب كي تكون القرارات السياسية بما فيها اختيار الرئيس رهن الأغلبية البرلمانية والتي كانت لفترة كبيرة علمانية قبل حكومة حزب العدالة باستثناء حكومة حزب الرفاة بقيادة نجم الدين أربكان والتي أُسقطت بحجة أنها تحارب علمانية الدولة التركية ..
المشكلة أن تركيا كباقي الدول العلمانية التي تتشدق بالحرية كانت تحظر الحجاب في المصالح الرسمية وكلنا يذكر الضجة التي أثيرت بعد اسقاط عضوية البرلمان عن النابة المحجبة ((مروى قاكوجي)) ، وعندما جائت حكومة حزب العدالة برئاسة رجب طيب أوردوغان كانت زوجته أول امرأة تركية محجبة تدخل قصر رئاسة الوزراء منذ سقوط الخلافة الإسلامية على يد كمال أتاتورك .
الواضح أن تركيا خلال فترة تلك الحكومة قطعت شوطًا كبيرا في علاقتها عربيا وأوروبيا ، إلا أن ذلك لم يجعل العلمانيين يغيروا نظرتهم للإسلام الوسط والشامل وزادت حدة التوتر في ذلك الأمر هو ترشيح حزب العدالة لوزير الخارجية عبد الله جول لرئاسة الدولة التركية مما أثار ثائرة العلمانيين مُدعي الحرية الأتراك ، والسبب أن زوجة عبد الله جول (السيدة خير النساء) محجبة وكيف تكون قرينة الرئيس التركي محجبة ...
في أي جدال سياسي حول حكومة حزب العدالة تجد أن السبب الرئيسي للخلاف أن زوجات معظم الوزراء محجبات وأنه في عهد تلك الحكومة عينت الكثير من المحجبات في المصالح الرسمية (مع الشهادة لهن بالكفاءة المشكلة أنهن محجبات) ... إذن الحرب ليست مع حكومة حزب العدالة أو عبد الله جول الحرب مع الإسلام الشامل (الإسلام السياسي كما يحلوا لهم تسميته)

حماس ... ممثلة الإسلام الشامل في فلسطين

نتيجة لارتباط حماس تاريخيا وفكريا بالإخوان المسلمين فإن أعداؤها يُضاف إليهم أعداء فكر الإخوان من طبقات العلمانيين والقوميين والأنظمة المتحكمة في مجتمعنا العربي ..
نعود قليلا للوراء بعد فوز حماس بأغلبية المجلس التشريعي الفلسطيني وتشكيل الحكومة التي حلا للبعض تسميتها بحكومة حماس بغرض فصلها عن الوطنية الفلسطينية ، منذ ذلك الحين وبدأت العداوات المختفية تظهر وبخاصة من النظام البوليسي (المصري) فبدأت الضغوط على حماس لتقديم تنازلات عن مبادئ وأفكار الحركة في مقابل تطبيع العلاقات مع تلك الحكومة المتطرفة في نظر المنبطحون من منظمة التحرير الفلسطينية والأنظمة العربية ، ولما لم ترضخ حماس لتلك الضغوط والمساومات بدأت الحرب الشعواء بمقاطعة غربية كانت متوقعة من حُلفاء الصهاينة الأساسيين وحصار عربي من الأنظمة المتحكمة كل هذا حتى تتخلى حماس عن مشروعها الإسلامي في فلسطين ، وصمدت حماس وقبلت بعد ذلك باتفاق مكة وحكومة الوحدة الفلسطينية ، إلا أن هذا الوضع لم يعجب الأنظمة الأمنية العربية فكانت الخيانة المصرية والأردنية بدعم خونة منظمة التحرير أتباع العميل محمد دحلان بالسلاح والتدريب والمال وكلما قامت حماس باكتشاف مصيبة من تلك المصائب كان ردها الدفاع على الرغم من كونها الحكومة يخولها لوقف السلاح ومعاقبة المتورطين في تهريب ذلك السلاح إلا أنها كانت تكتفي بالسلاح حتى لا تصعد المشكلة ...
حتى بلغ الأمر آخره وأعلنها المفاوض (صائب عريقات) :" على حماس أن تستقيل من الحكومة أو تواجه الرصاص في الشارع .." اختارت حماس المواجهة لا لأنها ترغب في المواجهة ولكنها مسؤولة عن تحقيق الأمن للشعب الذي اختارها وهاجمت حماس مقرات لصوص منظمة التحرير (الأمن الوقائي والمخابرات) وهرب الجنود المدربون إلى الحكومة التي دربتهم (للأسف مصر) وسيطرت حماس على غزة واستعانت بأهل الخبرة الشرفاء من حماس وغيرها لإدارة الأمور وشهد أهل غزة أنهم أخيرا ينعمون بالأمن والأمان .
كل تلك الأمور تحدث ولا نسمع سوى أن حماس تستخدم الإسلام والشعارات الدينية للسيطرة على الحكم ويصبح العلماني الذي لا يحفظ من القرآن سورتين مفتيا بأن ما تفعله حماس والإخوان بمصر حرام فالإسلام لا يدخل في الصراعات السياسية.
لم يعلق أحد على رفض محمود عباس للجنة تقصي حقائق عربية (إذا كان مظلومًا فمم يخاف).
لم يعلق أحد على الفك الفوري للحصار عن حكومة الطوارئ الذي شكلها عباس في الضفة .
لم يعلق أحد على الوثائق والفضائح التي اكتشفتها حماس في بيت العميل دحلان ومقرات المخابرات من تعامل أمني صريح مع العدو الصهيوني (قوائم اغتيالات ، أجهزة تخابر ، لوحات سيارات متفق عليها مع العدو لتخطي المعابر، تسجيلات لتعذيب المعتقلين من حماس وتصفية بعضهم .....)
الكل ركز على نفس النقطة حرب الإسلام الشامل (السياسي)

إذن المشكلة الأساسية لدى العالم الغربي والعلمانيين والقوميين العرب هي صعود الإسلام ... يريدون أن يظل الإسلام في المساجد وقت الصلاة وفقط ... يشجعون دروس العلم الديني طالما لم تخرج عن الحديث في الطهارة والوضوء ، يشجعون طرق الصوفية أصحاب الانحرافات العقائدية لتشويه صورة الإسلام الحقيقية ، مسلسلات وأفلام بتكاليف ضخمة لخلط المفاهيم وتلبيس الحق بالباطل .

ولن أتحدث عن مصر في تعاملها مع الإخوان ، ولا بعض دول الخليج العربي في تعاملها مع الإصلاحيين سواء كانوا إخوان أو الجماعت الاسلامية الأخرى التي تعمل بالسياسة في تلك البلاد ولا عن بعض الجماعات الإسلامية التي تطالب بترك السياسة لحين لأن الكلام هنا يطول .