الأربعاء، يوليو 25، 2012

المعركة ليست شخصية .. والهداية ليست المسئولية (خاطرة رمضانية 3)

بقلم / عبد الرحمن الحسيني

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين (34) وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين (35) إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون (36) [الأنعام]
إنها سنن الله عز وجل في الدعوات يوضحها ويزيل اللبس الذي يحدث أحيانًا عند الدعاة حول طبيعة المعركة وطبيعة المهمة ..


فالمعركة ليست شخصية ..
فتكذيب المكذبين ليس لشخص الداعية حتى وإن بدا ذلك من صريح الاتهام له والسباب لشخصه .. فكفار قريش سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعتوه بالكذاب والمجنون والساحر .. ومع ذلك يوضح ربنا لرسوله أن العداوة ليست مع شخصه ولا الاتهام له (فقد كان بينهم قبل الرسالة الصادق الأمين) ولكن التكذيب والمعركة هي مع ما يحمله من رسالة رب العالمين .. وهذه هي السنة السائدة منذ أول رسالة مع أول رسول .. فالنبي أو الرسول يكون في قومه الصادق الأمين صاحب العقل الراجح .. حتى تأتي الرسالة " قالوا ياصالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب " [هود]

والمهمة ليست الهداية ..
وكذلك ليست مسئولية الداعية أن يهدي المدعوين وإنما هو يبلغهم الرسالة ويضعهم على الطريق ويبذل في سبيل ذلك كل السبل المتاحة والممكنة .. لكن في النهاية لن يهتدي إلا من هدى الله عز وجل .. "ولو شاء الله لجمعهم على الهدى" ، " إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللـه يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" أي وهو أعلم بمن يستحق الهداية ويحبها ويجتهد في سبيل الوصول لها

من منطلق تلك المسئولية فليس مطلوب من الداعية إلا أن يتخذ كل الأسباب الممكنة له والتي يعينه الله عليها .. وفي النهاية .. لا يستجيب إلا أحياء القلوب (الذين يسمعون) .. ولن يستجيب موتى القلوب إلا أن يشاء الله أن يحيها أو يسمعون النداء الذي لا يستطيعون تكذيبه يوم لا ينفع سماع ولا تنفع هداية .

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أصحاب القلوب الحية .. انه ولي ذلك والقادر عليه وأن يهدينا سواء السبيل .

ليست هناك تعليقات: