الأربعاء، مايو 18، 2011

ردًا على دعاة المصالحة مع المخلوع - لا تصالح!

خواطر من واقع الثورة مع مقتطفات من قصيدة لا تصالح للشاعر الكبير أمل دنقل

بقلم: عبدالرحمن الحسيني

لا تصالحْ! .. ولو منحوك الذهبْ .. أترى حين أفقأ عينيكَ .. ثم أثبت جوهرتين مكانهما..

هل ترى..؟ هي أشياء لا تشترى..


أسأل من أراد صلحًا هل رأيت دم الشهيد ، أو حرمت أباك يوم عيد أو قتل ابنك بين يديك وأنت لا تجد له دواء ... هل تتحمل سؤال الشهيد :


هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟ .. أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟ ..
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ .. أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟! .. أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك .. بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون: جئناك كي تحقن الدم..


سيقولون كبير أو مريض أو فعل لبلادنا وفعل .. وهل أنصف كبيرًا أو صغيرًا أو من ضحى بنفسه من أجل الوطن ، اسأل مرضى الأورام والفشل ، اسأل شهداء العبارة والدويقة والجبل ، اسأل شهداء أكتوبر وأبطالها ، هل بقى منهم عزيزًا في عهده إلا وذل ، اسأل ميدان التحرير عن أبطال ماتوا وكان سلاحهم حناجر من ذهب ، كلهم أخوك وأبوك وأختك وابن العم ...


سيقولون: ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
حين تأوي لنومك وترى أولادك تذكر بنات الشهيد وأمه الثكلى وزوجته التي ترملت حينها ..
حين تلعب مع أطفالك تذكر أن بنت الشهيد الآن صامتة
حرمتها يدُ الغدر: من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها.. وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه، لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ) ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح! فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!

سيناشدوك ويقولون نلحق بعض أموالنا فلا تصالح :


ولو ناشدتك القبيلة باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق.. في هذه السنوات القليلة


وتذكر :

إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
قد كنا نستطيع الصلح لو كانت حربًا متكافئة قوات وقوات أسلحة وأسلحة ، لكن أنصالح قاتلاً رفع السلاح في وجه حنجرة ، اغتالها واسمع صوت الشهيد حين ينادي:

لم أكن غازيًا، لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
أو أحوم وراء التخوم ، لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ ، لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي.. ثم صافحني.. ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضعلين.. واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ أو سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها ، والطيور.. لأصواتها ، والرمال.. لذراتها ، والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا.. ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
لا تصالحْ ، ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخْ
والرجال التي ملأتها الشروخْ
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريدْ ، وامتطاء العبيدْ
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخْ
لا تصالحْ .. فليس سوى أن تريدْ
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيدْ
وسواك.. المسوخْ!
لا تصالحْ