الأربعاء، مارس 07، 2012

حول أولويات التجرد واختياراتنا للوطن

بقلم :عبدالرحمن الحسيني

التجرد هو خلق يؤدي الى إعلاء مصلحة ما فوق كل الاعتبارات والتضحية بمادونها من المصالح لتحقيق تلك المصلحة .. خلق عشناه ونعيشه منذ تربينا في جماعة الاخوان المسلمين .. نتجرد لفكرتنا ودعوتنا التي هي فهمنا لديننا ورؤيتنا لنصرته ونعلي بذلك هذه الفكرة فوق كل الفكر ونتخلص لها مما سواها من المبادئ والأشخاص لأنها أسمى الفكر وأجمعها وأعلاها ،ونبذل لها الغالي والنفيس حتى النفس"فالموت في سبيل الله أسمى أمانينا" .. ونترك حظوظ أنفسنا جانبًا لو تعارض ومصلحة الفكرة التي ندعو اليها . وهو تجرد قائم وسيظل باذن الله مادام في القلب نبض وفي الحياة بقية من نفس فقد عقدنا العزم وبايعنا على العمل لهذا الدين حتى يرفع الله بنا رايته..




وكضرورة لنصرة الفكرة كان التنظيم "الجسد الذي يحمل الروح" ومن ثم لزم له أيضًا نوع من التجرد .. تجرد من حظوظ النفس لاعلاء شأن التنظيم الذي هو الوسيلة التي ارتضيناها لإعلاء شأن الفكرة ونصرتها ونشرها بين الناس ..

لكن هل التجرد للفكرة والتجرد للتنظيم لهما نفس الأولوية ؟!

الفكرة عقيدة والتنظيم وسيلة ... والعقيدة مرتبة عليا لا تصل إليها مرتبة ولا يعلوها شأن بل هي حياة يعيشها الإنسان المؤمن بتلك العقيدة .. أما التنظيم فهو ترس بين تروس الحياة ليس له قدسية أو عصمة وإن كان يستمد أهميته من كونه وسيلة لتحقيق الفكرة "العقيدة" .

نعم ، التجرد للتنظيم "الذي يحمل الفكرة" هو الأول بين الأولويات ويدفع للتضحية له بكثير من الأولويات الأخرى .. ويظل كذلك مالم تأتي أولوية أخرى تفوقه أو تتطلب تعديلا في الأولويات.

فمثلاً لو صار التجرد للتنظيم يتصادم مع التجرد للفكرة فلا مجال للتجرد للتنظيم ويعلو التجرد للفكرة "وهذا ماتربينا عليه أن التنظيم هو أفضل الوسائل المتاحة لتحقيق الفكرة ولو وجدنا وسيلة أجدى لتركنا التنظيم لصالح تلك الوسيلة الجديدة"

أو لوتصادم التجرد للتنظيم مع مصلحة الوطن " الوطن يعلو التنظيم لكن لا يعلو الفكرة " فالأولى التجرد لمصلحة الوطن بغض النظر عن المصلحة التنظيمية ..

أقول هذا الكلام ونحن على مشارف اختيار المرشح التي قد تدعمه الجماعة لرئاسة مصر .. فأن يكتب التاريخ أننا رجعنا في كلامنا أو حنثنا في وعدنا - الغير مبني على شورى بالمناسبة - بأننا لن ندعم أحد كان فينا وخرج" .. خير ألف مرة من أن يكتب التاريخ أننا أعلينا مصلحة التنظيم على مصلحة الوطن .. أو أن نقف أمام الله يحاجنا في أننا فوتنا الفرصة لدعم الأصلح لوطننا ولفكرتنا "عقيدتنا" خوفًا على مصلحة التنظيم "الوسيلة " ، أو أضعف الإيمان "أو ليصمت" ..

يعلم الله .. لا أدعم مرشحًا بعينه إلى الآن وان كنت أميل لأحدهم ومشروعه لكن هذه كلمات من وحي ماتعلمت في مدرسة الإخوان رأيت أن أذكر بها من هم أعلم مني بها ومنهم من تعلمت منهم هذا الكلام .. حتى نعين بعضنا على اختيار الأصلح لأولوياتنا ..

"الفكرة – الوطن - التنظيم"
_________________________________________________________________________
تعقيب مهم بناء على بعض التعليقات على الفيس بووك :
لا أدري لماذا يرى البعض أي نصيحة توجه أو أي رأي يقال عن الإخوان اتهام .. رغم أنهم لو قرأو الكلام دون معرفة الكاتب أو قال أحد الاخوان "غير المشاغبين زي حالاتي" نفس الكلام سيكون بمثابة درس تربوي مهم .. هذا ماحدث وما رصدته في بعض التعليقات حول المقال لذلك رأيت أن أوضح بعض النقاط :
1- الأصل أن الكلام قبل الشورى هو من قبيل ابداء الرأي أو من خطوات الشورى أصلا.
2-النصيحة واجبة على كل منا لإخوانه الكبار والصغار على حد سواء والأصل أنها محمودة طالما أنها لم تتضمن تجريحًا لشخص أو هيئة.
3-لم يكن الكلام في المقال توجيه لاختيار مرشح بعينه لانتخاب الرئاسة"وان كان حقا لي في ابداء رأيي" ذلك أني لم أستقر أصلا على مرشح .. انما كان الهدف هو تذكير للإخوان "صفًا وقيادة" بأولوياتنا وترتيبها وأن الأصل عندنا هو الفكرة وأن التنظيم على أهميته ليس له قدسية الفكرة وبالتالي فهناك بعض الأمور لا يتم الاختيار فيها وفق أولويات التنظيم لأن لها حسابات متعلقة بأشياء أعلى من التنظيم كالفكرة أو الوطن مثلا ..
4-موقفي الشخصي مسبقًا بالنسبة لانتخابات الرئاسة .. هو أني لن أقبل بمقولة "القيادة تعرف أكثر أو تعلم مالا تعلم" في هذا الأمر لأنه أمر يخص الوطن وليس التنظيم ..

هناك تعليقان (2):

الحسيني يقول...

الكلام جيد ولكن لم الاستعجال ؟ لكل حادث حديث وهذا بديهي ان الاخوان لن يغلبوا التنظيم على الوطن لننتظر ولا نسبق الاحداث

Unknown يقول...

جزاكم الله خيرا على المرور والاهتمام ..

الرسالة في الأساس موجهة لصف الاخوان الذي سيؤخذ رأيه في الشورى وأتمنى أن يصل لأعضاء مجلس الشورى قبل ان يتم اخذ الشورى في الأمر ...

الرسالة سببها أن بعض الصف الإخواني تطرف في الولاء للتنظيم حتى اعتبره الفكرة وبدأ يتخذ القرارات ويستبعد أو يوافق بناء على الأخلاق التنظيمية التي لاتلزم إلا المنتمي للتنظيم