الثلاثاء، أغسطس 09، 2011

الفكرة والتنظيم .. الروح والجسد

بقلم : عبدالرحمن الحسيني

الفكرة : هي فهم الإسلام الشامل الذي يشمل مظاهر الحياة جميعا .. وما ينبني على الإيمان بهذه الفكرة هو تطبيق والدعوة إلى تطبيق الإسلام كسلوك في الحياة بكل تفاصيلها (سياسة – اقتصاد – رياضة - .... الخ) والتضحية من أجلها على اعتبار أنها الطريق الأساسي للفرد للوصول لغايته الكبرى (الله غايتنا) ونسلك في سبيل ذلك كافة السبل المشروعة وفق فهم السياسة الشرعية والقواعد الفقهية .

ومن الصعب بل قد يكون من المستحيل أن يحمل إنسان مهما أوتي من قدرة على العمل والبذل أن يقوم وحده بهذه الفكرة ومقتضيات الإيمان بها اللهم إلا في مجال التطبيق الفردي .. أما العمل على انتشار تلك الفكرة وتطبيقها في المجتمع لا يقوم إلا بمجموعة من الأفراد يحمل كل منهم مهمة العمل على نشر وتطبيق جزء من الفكرة في المجتمع مع التأكيد على المسئولية الفردية في تطبيق الفكرة على المستوى الفردي والأسري ، وهذه المجموعة من الأفراد تحكمهم قواعد اتفقوا عليها لتسيير العمل وتوزيع المهام ، وهذا هو التنظيم .

اذن فالفكرة بالنسبة للتنظيم كالروح للجسد والفكرة بدون تنظيم روح تبحث عن جسد ، ولن يؤدي المهمة على الوجه السليم صاحب فكرة بلا تنظيم أو تنظيم بلا فكرة صحيحة (إلا في حالات نادرة جدا ولها خصوصية في الشأن الدعوي العام (مثل د.يوسف القرضاوي) ، واستقلالها عن التنظيم يكون مع القناعة التامة بضرورة التنظيم )

منغصات ومميزات
إن أي مجموعة أفراد أو تجمع بشري يعمل في اتجاه واحد أو لتحقيق مشروع واحد لابد أن يكون به بعض المنغصات نتيجة اختلاف الطباع واختلاف الآراء وطرق التفكير ، وكذلك نتيجة قيود التنظيم على حركة الفرد وسلوكه لأن الفرد داخل التنظيم يراه الآخرون صورة للتنظيم وليس كما هو فرد .

وقد علم الله عز وجل ذلك فينا قبل أن يكلفنا بتلك المهمة لذلك وصى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال في سورة الكهف

" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً"

ووصى عباده المؤمنين بالصبر والتواصي عليه فقال في سورة العصر : ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

وبهذه التجمعات أيضًا من المميزات الكثير ولو قلنا منها التناصح والتواصي والأخذ باليد عند الزلل والتثبيت عند الخلل وحديث نبينا (هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ) لكفت حسنات .

فبما أن التنظيم ضرورة أصبح من واجب الفرد أن يصبر على منغصاته ليحصل فضائله وحسناته.

إشكالية أخرى ظهرت في الفترة الأخيرة وهي تعدد التنظيمات تحت نفس الفكرة (بفرض أن أحدها حمل الفكرة كاملة بشمولها وهو مالم يحدث أو يدعيه أحد ) وهذا قد يحمل عدة مخاطر منها

- تشتيت الجهود واحداث بلبلة وسط عموم الناس ( طالما تحملون نفس الفكر ، لماذا تعدد الأشكال ؟؟؟)

- الجماعة الأم أو التنظيم الأول له السبق وهو ما تحمل العبء الأول والجهد الأكبر فهو الأحق بجهد أبناء الدعوة المخلصين .

- جهد ضائع لإعادة التعريف بالتنظيم الجديد وكيف أنه يحمل نفس الفكر وسبب أنه تنظيم جديد وليس نفس التنظيم .. وهذا الجهد الأولى وضعه في إطار تطوير العمل والدعوة للفكرة وليس البداية من جديد.

- استقلال تنظيم بجزء من الفكرة بدعوى التخصص قد يصل به إلى الرضا بهذا الجزء كعمل له ويهمل باقي الأجزاء (مجتمعيا ثم أسريا ثم فرديا) وخاصة في عدم وجود نشاط تربوي في معظم التنظيمات الناشئة.

- التربية لا تقف عند سن ولا خبرة وهي مستمرة باستمرار الحياة ،، وادعاء أن الانسان أخذ كفايته منها وينطلق إلى العمل بمجال ما بعيدا عن محضنه التربوي هو ادعاء كذبته علوم النفس والتربية .

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

جزاكم الله خيراالموضوع مهم جدا ولابد من تأصيلة لأنني أغلم ان هناك من ينادي بنشر الفكرة فقط بين الأفراد دون الحاجة إلى التنظيم فالفكرة تظل فكرة في العقول لاقيمة لها في واقع حياة الناس مالم تجد من يطبقها في واقعنا فالتنظيم يطبقها وينشرها