الخميس، مارس 01، 2012

قراءة في مشروع "مصر القوية"

بقلم:عبدالرحمن الحسيني


"مشروع متكامل قائم على الإنسان المصري (تنمية – مشاركة – رقابة ومحاسبة) متبنيًا الشريعة الإسلامية منهجًا في إدارة الوطن ويقوم على اللامركزية والتكامل بين السلطات مع الحفاظ على استقلالها ، وتشجيع وتطوير مؤسسات المجتمع المدني لتشارك في التنمية وتراقب أداء السلطات التنفيذية ، ويقوم أساسا على اصلاح ما أفسدته النظم السابقة في حياة الانسان المصري على كافة المستويات (داخلي وخارجي – اقتصادي واجتماعي وسياسي) وسياسة خارجية تقوم على الاستقلالية والريادة والاستفادة والندية "

.....



في قراءتي لهذا المشروع لنهضة الوطن رأيت به عدة مميزات لا أظنها توجد في مشروع آخر مطروح على الساحة إلى الآن ووضوحًا في الأهداف والوسائل..
 ولعل أبرز مافي المشروع من مميزات أنه :
1-   مشروع وليس برنامج : فهو يتميز بالترابط بين كل مجالاته وأبوابه مما يجعله مشروع مكتمل الجوانب لإدارة الوطن لاتكاد تقرأ فقرة إلا وتجدها قائمة على نفس المحددات التي تقوم عليها باقي الفقرات بعيدًا عن الوعود المستحيلة  أو الكلام المرسل الذي لا يمكن حساب صاحبه عليه أو العبارات الرنانة الجوفاء .
2-      قائم على الانسان في الأساس : تنمية – مشاركة – رقابة
تنمية الانسان (روحيًا وخلقيًا واقتصاديًا وثقافيًا) مما يرفع عنده الشعور بالانتماء لهذا الوطن ويؤهله للمشاركة الفعالة في اتخاذ القرارت وتنفيذ خطط التنمية والرقابة الذاتية على نفسه وعلى المؤسسات التي تدير البلاد  .. فالإنسان المصري هو الهدف والمحرك والمراقب لسياسة الوطن وخططه التنموية
3-   المنهج الذي يقوم عليه المشروع هو الشريعة الإسلامية : كمرجعية أساسية لكل محتوياته وكهدف أساسي من أهدافه لتطبيق الشريعة الاسلامية, مما يحقق مصالح البشر التي نزلت من أجلها تلك الشريعة ويحارب كل جور أو ظلم أو فساد.

أضواء على تفاصيل المشروع
اعتماد النظام المختلط : عندما يحتوي مشروع رئيس جمهورية على تبنيه صراحة فكرة النظام المختلط للدولة فان ذلك يؤشر لرغبته في عدم الانفراد بمقاليد الأمور واستعداده الكامل للتعاون مع جميع المؤسسات الأخرى وخاصة الحكومة (المشكلة من البرلمان) والبرلمان كجهة رقابة وتشريع .. كما أنها إشارة جيدة في اتجاه الفصل بين السلطات مع التعاون التام فيما بينها كما جاء في فقرات أخرى من المشروع.
الاصلاح الأمني :
ولعل أبرز ما ميز المشروع في هذا المجال :
1-   قصر دور المؤسسة الأمنية على الدور الأمني وتفريغها من المسئوليات المدنية "جوازات – حج وعمرة – مكتب عمل ... الخ" مما يحقق أمرين هامين :
ü      تفريغ الشرطة للحفاظ على الأمن مما يساهم في تجويد العمل والاستعانة بكافة الخبرات .
ü      غلق باب كبير من أبواب الفساد الاداري في الجهاز (الفساد هنا يصعب تعقبه ) .
2-      انشاء جهاز حقوقي لاعادة هيكلة الشرطة والاشراف على ذلك بمعاونة وزير الداخلية وقيادات القطاعات الأمنية .
المجتمع المدني :
وأبرز ما أثار اهتمامي في هذا المجال :
·         تفعيل المجتمع المدني واشراكه بقوة في حل مشاكل المجتمع .
·         وضع تصور مميز لاحياء فريضة الزكاة وجعلها تحت رعاية واشراف وتنفيذ مجتمعي .
الاقتصاد :
·     اعتماد الاقتصاد الانتاجي كأساس للاقتصاد المصري يؤدي للاسراع في التنمية الاقتصادية وتحقيق التنافس ويحقق اقتصاد مستقل دون الاعتماد على متغيرات لانملك التحكم الكامل في متغيراتها مثل "ايرادات قناة السويس – السياحة – عائدات المصريين في الخارج" والتي يمكن أن تستغل في الضغط علينا والتحكم في قراراتنا
·         اعادة منظومة الدعم (وخاصة دعم الطاقة) لتوجه الى الفقراء وليس كبار المستثمرين ..
·         تفعيل النظام المصرفي الإسلامي "الأنجح في مواجهة أزمات الفوائد الربوية"
·     فكرة دعم المحاصيل التي تساهم في خطة تنموية بمشاركة ممثلين عن الفلاحين .. يؤدي إلى تكامل المجالات المختلفة (زراعة – صناعة – تجارة - تصدير) .. مثال : دعم القطن المصري كمادة خام نستطيع بها تعزيز صناعة النسيج والنمو السريع فيها .. القمح والأرز أيضا للاكتفاء الذاتي والعودة كمخزن غلال العالم
·         دعم الصناعات التي تحقق قفزات اقتصادية دون الحاجة لموارد كبيرة مثل البرمجيات .
·     تنويع المنتوج السياحي المصري مما يزيد من عدد السائحين وتنوع اهتماماتهم وتنشيط سياحات مهملة أكثر ملائمة للواقع القيمي للمجتمع وتجذب قطاعات من السائحين لا تستهويهم السياحات المعتادة (الشاطئية والأثرية) مثل السياحة الدينية والثقافية والرياضات والمسابقات .
السياسات الاجتماعية :
·     العدالة الاجتماعية لا تقوم على تمييز الفئات الأكثر عرضة للتمييز (المعاقين – الأقليات - ... الخ) بل تقوم على التأكد من حصولهم على حقوقهم كاملة غير منقوصة وفرصتهم الحقيقية في المشاركة المجتمعية والرعاية
·         رفع نصيب التعليم والصحة من الموازنة العامة مما يساهم في رفع اجور العاملين وتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين
·     ربط اعانة البطالة بالمتوفر من فرص العمل ولمدة محددة وعبر برامج تدريبية للاعداد لسوق العمل .. حتى لاتصبح الاعانة سببا في أن يقعد الانسان عن العمل وتكون مساهمة في رفع العبء وتقليص نسبة البطالة

السياسة الخارجية :
وهذا المجال تحديدًا من أهم المجالات التي يجب النظر إليها في برنامج الرئيس القادم هو ومجال الأمن القومي لكونهما الملفين الأساسيين في مهمات الرئيس في النظام المختلط ..
والمشروع يقوم على الاستقلال – الريادة – الاستفادة - الندية
استقلال القرار المصري والتوجه المصري في القرارات المختلفة بحيث يكون نابعًا فقط مما يراه الشعب صالحًا له دون وصاية من أحد
والريادة (عربيا وافريقيا وإسلاميًا) عن طريق اقامة علاقات قوية مع دول حوض النيل والدول الافريقية قائمة على المنفعة المتبادلة ودعم المشروعات التنموية في تلك البلاد .. وكذلك مع الدول الاسلامية القوية مثل تركيا وماليزيا و الاهتمام بالقضايا الاسلامية والعربية كالقدس وقضية فلسطين
الاستفادة من خبرات الدول الصاعدة اقتصاديا (الصين وماليزيا وتركيا والبرازيل)
الندية في التعامل مع الغرب وأمريكا يخلق تعاملا محترمًا قائم على المصالح المشتركة والاحترام وليس الانقياد.
الاهتمام بالمصريين بالخارج (في بلاد الغربة) وربطهم ببلدهم الأم ثقافيا .

الأمن القومي :
وأبرز ما تميز به المشروع :
انشاء مجلس الأمن القومي : يضمن التحديث المستمر للقضايا الهامة التي تمثل أمنا قوميا لمصر .. كما يضمن عدم انفراد سلطة ما ولا جهة ما بسياسات الأمن القومي .. واعتماد الخبرة والشورى كأساس لتحديد تلك السياسات
الاهتمام بجميع القضايا (تقريبًا) التي قد يمثل التقصير فيها تهديدًا للأمن القومي المصري ووضع حلول تؤدي للعلاج الدائم باذن الله لجميع تلك القضايا (البيئة – النيل – الحدود –الوحدة الوطنية - ... الخ) وخاصة تلك المتعلقة بالمناطق الحدودية المهمشة (النوبة – سيناء – الواحات الغربية)
بالطبع ليس هذا كل المشروع وإنما هي رؤيتي لبعض المزايا فيه .. والمشروع عمل بشري يعتريه مايعتري المنتوج البشري عموما من نقص .. لكن يعتبر المشروع الأكثر اكتمالا ووضوحًا وإلمامًا بالجوانب المختلفة لإدارة الدولة من بين المشاريع والبرامج المطروحة على الساحة .
في النهاية أرى أن هذا المشروع هو مشروع إسلامي لنهضة حقيقية ممكنة بجهود المخلصين من الوطن وتعاون أبنائه جميعا وسلطاته المنتخبة .. بعيدًا عن وعود وردية أو ألفاظ رنانة فارغة المحتوى .. أو رؤى غير مناسبة لقيم المجتمع المصري وهويته ..
كما أنه يتوافق أو يتلاقى في نقاط كثيرة مع برنامج حزب الحرية والعدالة حزب الأكثرية والذي من المتوقع أن يشكل الحكومة مما يضمن انسيابية التعامل والتعاون بين السلطات والسعي لانجاح هذا المشروع .. كيف لا وقد خرج صاحب المشروع والحزب من وعاء فكري واحد ويحملان رؤية متوافقة مع بعضها إلى حد كبير لإدارة الوطن وتحقيق النهضة الشاملة .
ملاحظة ... لابد من القائمين على الحملة إعداد ملخص بسيط للبرنامج حتى يفهمه رجل الشارع العادي الغير مهتم بالبرامج أساسًا ..


ليست هناك تعليقات: