الأربعاء، ديسمبر 12، 2012

لماذا سأصوت بالموافقة على مشروع الدستور



بقلم : عبدالرحمن الحسيني

فور انتهاء الجمعية التأسيسية من التصويت على مشروع الدستور ولأني كنت متابعًا لمعظم المناقشات ولجلسة التصويت النهائية وبعد قراءة متأنية أخرى للمشروع النهائي كونت رأيًا مفصلا عن المشروع (مادة مادة) لكن لم يسعفني الوقت والأحداث لنشرها ..

بالطبع لي اعتراضات على بعض المواد وسأذكر أمثلة منها .. لكن لم أجد في مشروع الدستور مواد تجعلني أقلق على المستقبل .. خاصة وأن مادة تقييد التعديلات بمرور سنين معينة قد حذفت .. لذا فإن البرلمان القادم أو رئيس الجمهورية بناء على حوار وطني مستقر بعيد عن التشنجات الانتخابية يستطيعوا تصحيح العوار الموجود في المشروع من وجهة نظر البعض (وهذا وعد به الرئيس) ..

البعض تخوف من مواد الدفاع والأمن القومي خاصة فيما يتعلق بالمحاكمات العسكرية للمدنيين .. وإن كنت معترضا عليها .. فإن الهلع المبالغ فيه من تلك المادة بسبب أحداث السنتين الماضيين ووجود القوات المسلحة باستمرار في الشارع والاحتكاك اليومي بالمعارضين والمؤيدين كان سببا في كثرة المحالين للمحاكمات العسكرية .. وهذا مالن يكون إذا استقرت الدولة ومؤسساتها وأدت كل مؤسسة واجبها ..
من أسباب موافقتي على المشروع ككل هو أنني أنظر بواقعية الظرف الراهن الذي وضع فيه الدستور .. وصعوبة الاستمرار في وضع اللاوضوح في صلاحيات المؤسسات المختلفة للدولة والتداخل المبالغ فيه للسلطات المختلفة ,

مشروع الدستور الذي بين أيدينا هو دستور جيد بلا شك .. وإذا نظرنا إلى حالة الانقسام الأيدولوجي والمصالحي في الشارع المصري فإنه أفضل الدساتير المتاحة في الوقت الحالي ..

فنظام الحكم فيه مختلط يقوم على مشاركة الرئيس والبرلمان (الحكومة لابد أن تكون أغلبية برلمانية أو على الأقل تحظى بدعمها) فهو ينفذ سياسته الداخلية عن طريق الحكومة ولا يصدر قرار بشأن داخلي إلا بموافقة الحكومة والبرلمان .. ليس من حق الرئيس حل البرلمان إلا باستفتاء وإذا رفض الشعب حل البرلمان فهذا استفتاء على شرعية الرئيس ويجب أن يستقيل .. ليس من حق الرئيس عزل الحكومة أو أحد وزرائها وانما هذا حق البرلمان فقط .. من حق البرلمان أن يحاكم الرئيس والحكومة ..

والحقوق والحريات في هذا المشروع من أفضل مايكون بل هي من وجهة نظري مبالغ فيها .. فالدولة تكفل للمواطن (التعليم المجاني والعلاج عالي الجودة (مجاني لغير القادرين وحالات الطواريء) وحرية التعبير وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية و الحق في الوظيفة  وعدم انتهاك الخصوصية والحرية إلا بأحكام قضائية ..
وفي العدالة الاجتماعية .. وفر الدستور حدًا أدنى للأجور وجعل حدًا أقصى لها لا يتجاوزه عامل في الدولة ... واهتم بالزراعة والصناعة .. واهتم بتوفير حياة كريمة للطبقات المهمشة الفلاحين وأهل البادية والحرفيين .... الخ

بنظرة عامة هو دستور جيد .. يحتاج لحزمة قوانين قوية وسريعة لتطبيقه .. ويحتاج لحزم في تطبيق تلك القوانين .. حتى يصير له أثر في حياة الناس .. فالدستور مجرد وثيقة ليس لها أثر في حياتنا إلا بالقوانين وسلطة تلتزم بها وتطبقها وهو دور البرلمان المنتخب القادم وسلطات الدولة باذن الله

ملاحظاتي على بعض المواد ::
1-    التأبيد في بعض المناصب لحين الوصول لسن المعاش وهذا باب من أبواب المفاسد .. فالأولى كان وضع طريقة للعزل من المنتخبين (شيخ الأزهر تعزله هيئة كبار العلماء التي انتخبته و رؤساء الأجهزة الرقابية يعزلهم مجلس الشورى مثلا ... الخ )

2-    إحالة المدنيين للقضاء العسكري وان كان في أضيق الحدود وبشروط جيدة إلا أنه كان الأولى تغليظ العقوبة في القانون المدني وليس احالة القضية للقضاء العسكري

3-    التعقيد التشريعي بإلزام مجلس النواب بموافقة مجلس الشيوخ على القانون قبل صدوره وهذا يطيل أجل القانون إذ يتطلب ذلك حوالي شهرين لخروج القانون .. وكان الأولى أن يكون دور الشورى استشاري أو مختص فقط بالهيئات المستقلة دون الدخول في ذلك التعقيد التشريعي

4-    اطلاق الحريات دون ضوابط أخلاقية ومجتمعية يجعل المجتمع عرضة لغزو قيمي وثقافي وكنت أتمنى أن يكون هناك ضوابط تضعها المؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة) على الحريات خاصة فيما يتعلق بالحرية الشخصية والأخلاق.

ليست هناك تعليقات: