الاثنين، مارس 28، 2011

المرجعية الإسلامية كما افهمها ، ليست دينية

بقلم عبد الرحمن الحسيني
كثر الحديث والنزاع حول ماهية الدولة الإسلامية وهل هي مدنية أم دينية وعن الفرق بين الأحزاب أو الدولة الدينية والأحزاب أو الدولة ذات المرجعية الإسلامية وكثيرون يخلطون بين المفهومين...
بداية .. الإسلام منهج حياة يشمل مظاهر الحياة جميعًا والتي منها الدين ، والإسلام طبقًا لهذا المفهوم هو مجموعة قواعد كلية تنظم حياة البشر عامة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) وليس للمسلمين، وطبقًا لذا المفهوم فإن المرجعية الإسلامية للدولة أو الأحزاب هي مجموعة من الضوابط والقواعد التي تنظم التعاملات في كافة نواحي الدولة ، ولعل كلمة السياسي المسيحي العظيم (مكرم عبيد) الذي قال "أنا مسيحي الديانة مسلم الحضارة " تختصر الكلام في هذا الموضوع.
فالدولة الإسلامية ، دولة مدنية مؤسسية حديثة تقوم على أساس الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة تصلح أن تكون جمهورية (برلمانية-رئاسية- مختلطة) أو غيرها من النظم المعتبرة في السياسة الحديثة ، تحكم العلاقة فيها بين الحاكم والمحكوم أخلاق الإسلام من عدالة وحرية واحترام للرأي المخالف ، كل ذلك في إطار مالا يتعارض مع الشريعة الإسلامية التي أتت أساسا للحفاظ على (العقل – النسل – الدين – النفس - المال) وهو ما يطلق عليه الكليات الخمس ووضعت لذلك كثير من الأحكام منها الملزم بنصه كالحدود الرادعة المنصوص عليها (بشروطها التي لا تكاد تنطبق إلا على حالات قليلة ) ومعظمها متاح للاجتهاد بما يحقق المصلحة العامة وما يناسب الزمان والمكان والأشخاص.
والحاكم في الدولة الإسلامية هو بشر يصيب ويخطيء ، ينتخب ويحاسب ويعزل ويحاكم ، خادم للشعب لأنهم اختاروه لتسيير أمورهم ، يخضع لقانون الدولة ومؤسساتها القانونية والدستورية ، مسئول أمام شعبه عن اختياراته لمعاونيه ومديري شئون البلاد ومتابعة أدائهم لمهامهم.
إذن ليس في الأمر ولاية لفقيه أو تدخل منه في إدارة الشئون العامة إلا في إطار دوره كمواطن وطبقًا للدستور أو القوانين التي توافقت عليها الأمة لتسيير أمورها ،وليس الأمر مشاعا لاختلاف الفقهاء في تفسير النصوص الشرعية ، وليس كما يتصور البعض طبقا للخبرات القريبة من النظام الكنسي الغربي في العصور الوسطى والنظام الإيراني الحالي .
والاقتصاد الإسلامي قائم على الاستثمار(في كافة المجالات بما يضمن الحفاظ على الكليات الخمس)؛ فنهت الشريعة الإسلامية عن الكنز وهو وضع المال دون استثمار وشجعت التجارة وانشاء المشاريع التنموية وجعلت من حق الدولة والأفراد على حد سواء امتلاك المشاريع التنموية فجمعت بين حسنات النظامين الاشتراكي والرأسمالي وتجنبت سيئاتهما ، كما يقوم أيضا على التكافل بين طبقات الشعب (الزكاة والصدقات).
وغير المسلمين في الدولة الإسلامية لهم نفس الحقوق التي للمسلم ، ولهم أن يحتكموا لشريعتهم في الأمور التي لا تمس سيادة الدولة والنظام العام فيها(وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ) ولهم الحق في بناء دور عبادة خاصة بهم بالضوابط التي تضعها الدولة لبناء تلك الدور والتي تخضع لعوامل الكثافة السكانية وكفاية الموجود أوعدم كفايته بل ويحاسب المسلم إذا اعتدى على مال غير المسلم  أو أخذ منه بغير حق(ولو كان خمرًا أو خنزيرا) ويكون ملزما برد قيمة ما أخذ.
أما بالنسبة الجزية فكان فيما مضى لا يقاتل غير المسلم في جيش الدولة الإسلامية لأنه كان جيش فتح ونشر للإسلام فلا يعقل أن يحارب إنسان لنشر دين لا يؤمن به ، فكان يدفع للدولة ضريبة حمايته وأمنه وكانت في الغالب أقل مقدارا من الزكاة التي يدفعها المسلم ، وتسقط عن الفقير بل ويأخذ إعانة من بيت مال المسلمين ... أما الآن وقد أصبح الجيش يدافع عن أرض الوطن ويشترك فيه المسلم وغيره فلا يحق للدولة فرض جزية عليه لأنه انتفت حجة الدفاع عنه لأنه اشترك فيها .
هذا غيض من فيض ، وقليل من كثير عن النظام الإسلامي الذي أفهمه فهو
نظام مدني مؤسسي ذو مرجعية إسلامية ..

ليست هناك تعليقات: