الثلاثاء، مارس 22، 2011

الإخوان والتيارات السلفية .. مخاوف مشروعة

بقلم: عبد الرحمن الحسيني

واهم من يظن أن قرار السلفيين والجماعة الاسلامية وغيرهم عالم السياسة هو مكسب للحركة الإسلامية (السياسية) ، ذلك أن تلك الحركات كانت إلى وقت قريب تكفر بالعملية السياسية بل وتُكفر العاملين بها أحيانًا ، على اعتبار أن المجالس النيابية احتكام لغير الله وماشابه ...

الحركات السلفية كانت وأظنها مازالت تصنف الأمور كلها إلى أمرين اثنين (حلال وحرام) وذلك وفق مذهب معين أو فهم معين ويجعلون كل رأي غيره غير صحيح ، واذا تحدثت عن السلفية الجهادية (الجماعة الإسلامية والجهاد) فالأمور هنا أشد وطأة.. وهذا السلوك الجبري أو التوجيهي لا يمكن أن ينشيء جو سياسي صحي يتوافق فيه الجميع على أرضية مشتركة ويتنافسون فيما بينهم بما لا يخل بهذه الأرضية التي تحافظ على تماسك الوطن .

مشكلة أخرى في تلك الحركات أنها ليست منظمة .. فلا تستطيع أن تقول أن فلان يمثلها وفلان لا يمثلها .. فبعضهم تحدث عن الاستفتاء بمنتهى الذكاء والوعي السياسي وكثير منهم (بعض المشايخ وكثير من الأتباع) تحدثوا بمنتهى اللاوعي واللا فهم لحقيقة الأمور .. وفي النهاية لا تستطيع أن تفرق هل قالت الحركة السلفية أم لا .

لست مع الإقصاء لمجرد الفكر .. لكنني أيضًا أخشى على الحركات الإسلامية (السياسية) التي عانت الكثير خلال السنوات الماضية لتثبت للجميع أن السياسة في الإسلام هي مدنية البرنامج والطريقة ولا علاقة لها بالنموذج الإيراني أو الكنسي الغربي في العصور الوسطى من سيطرة رجال الدين على الحاكم والحكومة .

أخشى من الخلط الذي حدث بالفعل في أول معركة سياسية كانت من المفترض بين قرارين كلاهما صواب والاستفتاء كان على الصواب والأصوب أو الخطأ والأقل خطأً وتحول بفعل التدخل الغير واعي لتلك التيارات إلى حلال وحرام وجنة ونار وغزوة أهل الحق على أهل الباطل.. وللأسف الشديد حمَّلها الجميع للإخوان ..

أخشى من افتعال مشاكل سياسية ليس لها وجود أو أرضية تتسبب في احتقان طائفي كمعركة المادة الثانية من الدستور وهوية مصر الإسلامية التي لم يتحدث فيها أحد بل ونفت الكنيسة على لسان الأنبا بسنتي أن يكون هناك نية للحديث حول إلغاء تلك المادة مما أنشأ جوا من الاحتقان بين جموع المصريين البسطاء .

أخشى من الغباء السياسي في اظهار قضايا تؤجج الفرقة ولا تساعد على لم الشمل في وقت غير مناسب وبطرق غير مناسبة .. مثل قضيةكاميليا شحاتة التي أشعلها البعض ومازالوا يصرون على إشعالها بطريقة الاعتصامات والمظاهرات على الرغم من أنها قضية قانونية في المقام الأول .

يبدو أن على الاخوان الإسراع في خطوات البرنامج الحزبي لحزبهم المدني واظهار التمايز بين الفهم المدني للمرجعية الإسلامية والفهم الكهنوتي الذي يسعى البعض إليه أو يروج البعض إليه .

على الاخوان أيضًا تغييرأسلوب الدعاية لتكون سياسية منطقية تقوم على برامج مفصلة واضحة دون اللجوء لشعارات قد تدخلنا في تشابه مع تلك التيارات التي لم تعي السياسة بعد ، مع تسجيل ملاحظة أن المشكلة ليست أساسا في الشعارات لأنها تعبر عن برامج .. إلا أن استغلال البعض لها قد يكون نقمة على الباقيين حتى لو كانو يعبرون عنها ببرنامج مدني .

أخيرا .. نصيحة لتلك التيارات التي نتمنى أن تكون فاعلة في العملية السياسية .. تعلموا قبل أن تتكلموا فليس الأمر كله علم شرعي أو قواعد إيمان .. الأمر يسع الجميع طالما يتحدث في صالح الوطن .. تعلموا السياسة من السياسيين كما تعلمتم علوم الشرع من علماء الشرع .. فلكل علم رجاله .. وآخذ العلم من غير رجاله كالشارب من ماء البحر لا يرتوي أبدا .

هناك 7 تعليقات:

أحمد عزت يقول...

مقال ممتع

أنسام الوفاء يقول...

لك الحق في تلك المخاوف غير انا شئنا أم أبينا فالسلفيون باتوا محسوبين على التيار الإسلامي ولابد من استيعابهم سياسيا وتوظيف طاقتهم خصوصا في ظل تراجع ملحوظ في حدة مواقفهم السابقة واستعداد بادي للحوار....هذا ما أرى

يحيى الحسيني يقول...

انا معاك في نقطة ان الاخوان لازم يقدمو برنامجهم الحزبي عشان يقدرو يردو علة كل اللي بيتخوف من ان الاخوان يوصلو للسلطة لانهم خايفين ان الاخوان يعملوها دولة دينية بمعنى الكلمة
اللي انا اعرفه ان الاخوان لما اسسوا حزب العدالة والحرية انهم عايزين مصر دولة مدنية ذات مرجعية اسلامية
واظن ان ده لا يخوف حد ولا يزعل حد
لان من المرجعية الاسلامية ان كل ذو دين يحتكم لدينه بالذات في قوانين الأحوال الشخصية ( الطلاق والزواج والمواريث وغيرها )

أما بالنسبة لموضوع الدعاية فانا معاك برضه في اننا بعد حزب العدالة والحرية لازم يكون الكلام سياسي بس عشان محدش ياخد على الاخوان حاجة لاننا في وقت كله بيشكك في كله وكله بيخون في كله فلازم نقطع الألسنة ومانسمحش ان يكون فيه حاجة ولو صغيرة ولو حتى مش مقصودة تسمح لواحد بيكره الإخوان انه ياخدها عليهم

لك مني كل التحية أخي

عمر عبد المنعم يقول...

مقدر لهذه التخوفات و لكن ما اخشاه و بحق ان ننسى او نحاول ان نتناسى ان الاخوان المسلمون هم لا يريدون الحكم من اجل انفسهم و انما لتعبيد الارض لله و بالتالي لابد ان نصل الى المجتمع بهويتنا الاسلامية طبعا مع الاخذ في الاعتبار هذه الطريقة ولكن بالهوية الاسلاميه

صالح النجدى يقول...

مقال معتدل الى حد كبير .. ونظرة حيادية نفتقدها الان .. وبغض النظر عن موقف الكنيسة الرسمى .. الا ان الراصد بعين خبيرة يرى ان تحالف الاسلاميين هو قوة لا يستهان بها ينبغى ترشيدها وتوجيهها التوجيه السليم .. فكما ابتعد السلفيون عن السياسة واقترب منها الاخوان مما اعطى الاخوان خبرة لا شك فيها اتمنى ان يعمل تحالفهم مع الاخوانت فى قادم الايام لصالح هذا البلد عن وعى وفهم لمتطلبات المرحلة القادمة .. وعى وفهم عن خبرة ودراسة للامور السياسية والمسائل المتعلقة بتلك الامور

خالد حفظي يقول...

أوافقك الرأي إلى حد بعيد و خاصة في الجملة الأخيرة , و لكن أرى أن المسألة ليست بهذه البساطة فدونها عقبات وعقبات , و المشكلة الحقيقية أن كثيرا من أذناب النظام السابق و فلول أمن الدولة من السهل عليها اختراق هذه التشكيلات و من ثم الاتيان بتصرفات أقل ما يقال عنها أنها حمقاء , و في النهاية هم محسوبون على التيار الاسلامي شئنا أم أبينا , و الحل - في تصوري - يعتمد على يقظة الفاهمين ووعيهم و حسن توعيتهم بالاختلاط المباشر بهؤلاء الشباب و الاصل فيهم الصلاح , و هو مجهود كبير ولكن ثماره باذن الله ستكون خيرا كثيرال

غير معرف يقول...

أخي الأكبر..أحييك تحية حب وإجلال
أتفق معك تماما وأعتقد أن قيادات الاخوان لن تغيب عنهم تلك النقطة لكن علينا نحن قواعد الاخوان مسؤولية كبيرة في هذا الشأن..التحرك الذاتي وتقديم القدوة من أنفسنا وتوضيح الأمور للجميع والأخذ بيد السلفيين لأن منهم كثيرون عندهم استعداد لفهم اعمق ومماررسة أرقى..وتحالفنا قوة لا يستهان بها
لك الشكر من نور عيني..مركز الابصار
!!!