الثلاثاء، أكتوبر 28، 2014

وعي الشعوب .. الطريق لحكم رشيد

رؤية من واقع ما وصلت إليه ثورات الربيع العربي
 بقلم : عبدالرحمن الحسيني



بعد مايزيد عن ثلاث سنوات ، وصلت كل بلاد الربيع العربي إلى مرحلة تحول مهمة يمكن اختصارها أن الشعب الذي قام بالثورة أو في الحقيقة رضي بها كمرحلة ما .. عاد واختار (بشكل أو بآخر) النظم الفاسدة التي قامت عليها الثورات ..

بالطبع هناك عوامل عدة ساهمت في ذلك لعلها تكون محور أحاديث قادمة .. منها أفعال من قاموا بالثورة أنفسهم وتعاطيهم مع المجتمع والنظم السابقة وذيولها الاعلامية والادارية وتفاعلهم مع بعضهم كتيارات مختلفة توحدت لانجاز هدف ما ، ثم مالبثت أن تناحرت عند انجاز أول نصر في جولة من معركة طويلة ..

ولعل من أهم المعارك التي خسرتها ثورات الربيع العربي .. هي معركة الوعي والتي لو استطاع الثوار كسبها لتغير الحال الى غير الحال .. ولما استطاعت ذيول الأنطمة التي أسقطتها الثورات أن تؤدي لعودة تلك الأنظمة مرة أخرى .. 


1-    موقف الشعوب من ثورات الربيع العربي ..

بعد أو قرب نجاح ثورات الربيع العربي في تحقيق الهدف المبدئي لها وهو اسقاط الأنظمة الفاسدة (رؤوس تلك الأنطمة) تحولت الشعوب لتأييد جارف لهذه الثورات واحتفاء بالثورة والثوار .. وهو ما جعل القائمون بالثورة يظنون أن الشعب آمن بهم وبما يسعون إليه !! 

غير أنه في حقيقة الأمر أن الشعوب قامت بما أدمنته مع الأنظمة المتعاقبة ، الوقوف بجانب المنتصر أو من أوشك على الانتصار .. فقبل سقوط رأس النظام في مصر (كنموذج) بأيام قليلة قامت أكثر من حالة اعتداء على المتوجهين أو العائدين من ميدان الثورة .. واشتبك الموظفون بالمصالح الحكومية وسكان ميدان التحرير مع الثوار بحجة تعطل المصالح ,,

وكانت هذه أول نقطة غابت عن الثوار .. أن وعي الشعوب لا يتغير بيوم وليلة .. وأن تغير رأي الناس في الثورة لأنها انتصرت لايعني أنهم آمنوا بمباديء تلك الثورة .. وأنه كان لزامًا على الثوار أن يعملوا على تنمية الوعي لدى الشعوب ليحافظوا على مكتسبات ثورتهم ويعززوا مكاسبهم في صراعهم المستمر مع ذيول تلك الأنطمة ..


2-    الوعي أساس فكرتنا وطريقنا للحكم الرشيد ..

• دولة الإسلام في المدينة المنورة ..
حين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنشاء دولة إسلامية بحث عن حاضنة مجتمعية لهذه الدولة فكانت بيعتي العقبة الأولى والثنية ثم الهجرة إلى مجتمع المدينة الذي كان البداية التي خرجت منها جيوش المجاهدين والدعاة لتحرير المجتمعات من الطغاة ونشر الاسلام بين الشعوب اختيارًا لا اجبارًا وعدلا لا جورا ..

• منهجنا في التغيير وإعادة دولة الإسلام ..
أتحدث هنا عن منهج الاخوان المسلمين .. لأني أنتمي لهذه المدرسة وأعرفها .. ولكل تيار شارك في الثورات أن يسقط الكلام على مبادئه وأفكاره وسيجد من تاريخ ثورات العالم مايشابه ذلك الكلام ..  

قسم الامام البنا مراحل العمل لعودة دولة الاسلام الى 7 مراحل وجعل تكوين وعي الشعوب مرحلة سابقة على أي مرحلة من مراحل التأسيس لحكم إسلامي .. فجعل (بناء الفرد – الأسرة – وإرشاد المجتمع) قبل الحكومة المسلمة .. إذ أنه لا نجاح لحكومة لا يدعمها ويشاركها مجتمع ..


3-    تشكيل الوعي .. هو المعركة الحقيقية لمن أراد الوصول

هي الحقيقة التي وصل إليها وعمل بها ذيول الأنظمة التي سقطت رؤوسها في الجولة الأولى لثورات الربيع العربي ... فعمدوا إلى تشويه وعي الشعوب وتحويل كل مصيبة ومشكلة إلى أن الثورات هي سببها .. رغم أن كل المصائب والمشاكل كانت في الأساس نتيجة فساد أنظمتهم .. واستغلوا حالة السجال والتلاسن والتحارب بين أجنحة الثورات ..

وهي تلك الحقيقة التي يجب أن يعيها كل مجاهد في طريق الحكم الرشيد .. فبدون مجتمع رشيد لا حكم رشيد .. وبدون مجتمع واع لا نجاح لثورات أو أي محاولة للتغيير .. إذ لافرق بين مستبد ببذلة عسكرية أو بدلة مدنية أو مستبد بعمامة ولحية .. كلهم حاكم مغتصب للسلطة متسلط على شعبه لا يرجى منه خير ولا تقدم .. وكلهم يخالف جوهر الحكم الاسلامي الذي أقامه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ..

ليست هناك تعليقات: