الثلاثاء، أكتوبر 30، 2007

إلى عُبَّاد الطغاة

(ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغمًا كثيرا وسعة)
(خواطر وتأملات في آيات من كتاب الله عز وجل)
بقلم: أسد الدين

كثيرة هي الآيات التي تتحدث عن العصاة والطغاة الذين يتحججون بأنهم أدوات في أيدي كبار القوم وكيف أن هؤلاء الكبار سيتبرؤوا من هؤلاء القوم يوم الحساب ، ولن يغنوا عنهم من الله شيئا ...
لكن كانت لي وقفة مع آيات بعينها من هذه الآيات ...

يقول الله تعالى في سورة النساء " إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً{97} إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً{98} فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً{99} وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{100}"

عندما قرأت هذه الآيات متأملاً في واقعنا ، وجدت فيها رسالة موجهة إلى عموم المسلمين ولكنها تخص كثيرًا موظفي الدولة في مصر وكثير من دول الاستبداد العربية والذين يجيدون الهروب من مسائلة الضمير بالقولة المشهورة (أنا عبد المأمور) يقصد بها أنه مغلوب على أمره .. ، وأجدها موجهة أكثر إلى جنود وضباط الشرطة أو القضاة العسكريين الذين يتعللون أنهم ينفذون الأوامر وأنهم لا يستطيعون مخالفتها ...

هذه الآيات تذكرة هامة لو عقلها كل انسان يقبل على عمل يعلم أنه مخالف لتعاليم دينه ومصلحة وطنه لتراجع فورًا ولأعلن رفضه التام لكل ما يخالف ضميره مهما تكن العواقب ، فربنا سبحانه وتعالى قد توعد من يظلم نفسه في الدنيا بظلم الناس وأكل حقوقهم بالعذاب ، وحجتهم أنهم مغلوبون على أمرهم حجة داحضة لا مكان لها فأرض الله واسعة والرزق بيد الله ليس له حدود ، الحلول كثيرة اترك عملك طالما لاتستطيع أن ترفض الظلم ، وقد وعد الله عز وجل من يهجر العمل الذي يعصي الله فيه ابتغاء مرضات الله بسعة في الرزق (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَة ) .. وعده الله عز وجل بالرزق الوفير وجزيل الأجر عنده تعالى ..

كان من أكثر الأسباب التي جعلتني أسجل تلك الخواطر هو واقعنا الذي أصبح لا يطاق ، من تضييق على الناس في عيشهم ، ومحاكمات عسكرية لمدنيين لمجرد أنهم معارضون للنظام ، وأخيرا أحداث اتحاد الطلاب وخاصة أني رأيت المنظر المخزي أمام جامعة القاهرة بعيني ... حصار أمني من جنود الأمن المركزي لجامعة القاهرة وكأن هناك مجرم هارب داخل الجامعة ...

هذه الآيات أراها مفتاح خطير من مفاتيح التغيير ..

تخيل معي أن كل إنسان كُلِف بعمل يخالف شرع ربه أو يخالف مصلحة وطنه رفض التنفيذ فإما أن يستمر في وظيفته عزيز النفس مرفوع الرأس مطمئن البال أنه لم يخن الأمانة أو يترك هذا العمل ابتغاء مرضاة الله فيفتح الله عليه ... انها حالة عصيان مدني بشكل آخر ، حالة توصل رسالة إلى كل مسؤول أن لا سبيل لتنفيذ ما تريد طالما كان ضد المصلحة العامة ...

فلنطلق العنان لأحلامنا أكثر بأن تطبيق هذا الفهم وصل للجهاز المسيطر على مجريات الأمور في مصر ، العسكريين شرطة وجيشًا ، ماذا سيحدث لو اعترض الضباط على التعليمات المخربة للبلد (اللي جاية من فوق) ؟؟ .. عندما يرفض القاضي العسكري أن يحاكم مدنيًا على تهمة مدنية لا لشيء إلا أن النظام يعلم أن القضاء الطبيعي سيبرئه ؟؟ .. ماذا سيحدث عندما ترفض جحافل جنود الأمن المركزي طاعة الأوامر بضرب المواطنين واعتقالهم لمجرد أنهم يعبرون عن رأيهم؟؟ .. ماذا يكون الحال عندما يدرك النظام أن هناك ثورة تحدث في عموم طبقات شعب مصر .. كلها ترفض تنفيذ الأوامر الظالمة والقرارات المفسدة ...
قطعا سيكون هناك تغيير .. وأكيد سيكون هناك تراجع عن الإفساد في الأرض ...

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

لا أسكت الله لك قلما
ورزقني الله وإياك حسن تدبر كتابه
فلا طالما قرأت تلك الإية ولم أفطن إلى تلك الإسقاطة الرائعة التي لو فطن إليها الناس وعملوا بمقتضاها لانصلح حال أمتنا